عاجل

على قطب: أكتب الرواية حتى اندمج مع الكون 

الأديب على قطب
الأديب على قطب

حوار-محمد سرساوي:
ذات يوم قابل الأديب على قطب سيدة مجذوبة تكاد تكون فيها ملامح التسول في السيدة نفيسة ودار بينهما حوارا قصيرا، لم يستطع معرفة ما بداخلها، هل لا تعرف شيئا؟ هل تعرف أكثر منا؟ ماذا يدور بخاطرها؟، وكان هذه الشرارة الأولى لميلاد فكرة رواية "كل ما أعرف"، هذه الصورة طرحت عليه سؤال المعرفة، ويقول: نحن في العالم أنماط ونماذج وعلاقات فما مدى معرفتنا بالأشياء ومعرفتنا ببعضنا البعض، لقد كتبت مشهد هذه السيدة العجوز أولا وبقية الرواية تم نسجها حوله، قبل أنا أقابلها كان لدي مشروع آخر للعمل عليه لكن بمجرد رؤيتها استقرت بذهني وظل هذا الموقف يشغلني ليتسع العالم حولها ويتحول مجرد مشهد إلى رواية تتحدث عن أزمة المعرفة. تحدث على عن تجربته مع هذه الرواية الصادرة عن دار العين فى السطور التالية:

-كيف جاء اختيارك لشخصيات الرواية؟
هذا السؤال ذكي جدا، لأن حرق الشخصيات عملية قاسية على المؤلف، لكني قمت بالشيء نفسه في رواياتي السابقة وخصوصا "ميكانو" و"أنثى موازية"، وفي كل ما أعرف العلاقات في الرواية تمثل القرابة والصداقة والحب وكان لابد من التعبير عن كلا منها بشخصية واحدة على الأقل، وكل شخصية تحاول الالتئام والتضامن مع نفسها لذا فعلي ومحفوظ وياسر كان لابد أن يتم إفراد فصلين لهم، أم شخصية غدير هي شخصية مرنة متمردة قادرة على صياغة وإعادة تجديد الحياة وأكثر من وعيا لذلك فهي مكتملة في قلب الرواية تتحدث في فصل واحد.
ولكي أكون محددا بشكل أكبر فكل ما أعرف تعد استكمالا لمشروعي في الرواية النفسية التي تشغلني،والشخصيات فيها مرآة لبعضها ويجب طرح أنماط مختلفة تمثل اتجاهات متعددة موظفة داخل الرواية، كما أن رهاني الشخصيقائم على ثراء الحياة، الأنماط الموجودة في الحياة أكثر من أن يتم تصنيفها، كل يوم في حياتنا نقابل شخصيات غريبة ومختلفة في كل المجالات.
- بطل الرواية جعل زوجته فأر تجارب فى كتاباته، فمتى تصبح حياة الإنسان رواية يكتبها شخصا ما؟
حياة الإنسان روايات لا رواية واحدة، لكن من يكتبها تلك هي المشكلة، من يكتبها هو من يشعر بها أكثر من صاحبها أحيانا، ولديه ملكة التعبير وقادر على متابعتها ومنفتح عليها أكثر من صاحبها الذي قد يعيش حياة مغلقة لا يستطيع التعبير عنها.

- هل الإنسان يكتب رواية كى ينافس الإله فى محاكاة الكون؟
على الإطلاق، الأديب يكتب رواية كشيء بديل يعبر عن اندماجه في الكون، لأنه بطابعه مغترب، اندماجه في الكون محدود، فكتابة الرواية نوع من العزاء عن هذا الاغتراب واعتذار عن عدم قدرته على معايشة الآخرين الحياة التي بداخله والتي يراها مثالية، أحيانا أتخيل الأديب إنسانا على مقهى يرغب في أن يجلس الجميع معه لكنه لا يقدر على دفع حساب ما يريدنه بمفرده، والكتابة بالنسبة لي طرح تصور يمكن مشاركته مع الناس كبديل لمحدودية الإرادة الإنسانية.

- ذكر أحد شخصيات الرواية "الخيال كان الحل الأمثل لحالة الانتظار" فمتى يصبح ذلك؟
لا يمكن أن يفعل الإنسان شيئا دون أن يتخيله فالخيال أهم عملية إدراكية يقوم بها العقل، وكثير من أحداث حياتنا التي نقوم بها دون تخيل تصاب بالفشل الذريع، ولهذا فأي تقدم وازدهار حضاري يسبقه إبداع قبل حتى التقدم التقني، لأن الإبداع هو الموج الذي يحمل الإنسانية للأمام، فالعربي القديم فتح العالم على حصانه، والحصان خيل والخيل من الخيال، والخيال هو الكائن السابح بالإنسانية إلى الأمام كما ربط المتنبي بين الخيل والكتاب حين قال: أعز مكان في الدنى سرج سابح... وخير جليس في الزمان كتاب.